Friday, May 23, 2008

9 ربيع الآخر 1429 هـ ــ القول على الله بغير علم عديل الشرك

القول على الله بغير علم عديل الشرك
!!!!
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

قال الله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا
بِاللهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ .


جعل سبحانه القول عليه بغير علم فوق الشرك ،


وهذا عام في القول عليه بغير علم أي بغير دليل من الكتاب والسنة في أصول الدين وفي فروعه ،


ونص على القول عليه بغير علم في التحليل والتحريم ،

فقال سبحانه : وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ

إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .

فإذا كان الله قد توعد الذين يحللون ويحرمون بغير دليل بالعذاب الأليم وعدم الفلاح ؛


فكيف بالذين يقولون عليه بغير علم في العبادات ومكانها وزمانها اللذين حددهما الله لها .


والعبادة كما هو معلوم


توقيفية في كيفيتها وفي زمانها ومكانها ،


فمن شرع فيها شيئًا لم يأذن الله به فهو داخل في قوله تعالى


:

أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ .


فجعل سبحانه من شرع للناس شيئًا من الدين لم يشرعه الله شريكًا له في تشريعه ، ومن أطاعه في ذلك فهو مشرك بالله تعالى شرك الطاعة .


وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) .


لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد بين للناس ما شرعه الله وحدده متبعًا بذلك ما حدده الله له .وقال سبحانه
: وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ .

وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ .وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ .

وفي حدود الله الأمكنة التي جعلها الله أمكنة لعبادته ؛ فلا يجوز تقديمها بزيادة أو نقصان ، وهي شعائر ومشاعر عبادته : وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ .ومن شعائر الله الصفا والمروة والسعي بينهما في حج أو عمرة تعبد الله سبحانه .


قال تعالى : إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ .وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - كيفية السعي ومكانه لأمته ، وقال : ( خذوا عني مناسككم ) .

فرقى على الصفا حتى رأى البيت وهلل الله وكبره ودعا ، ثم نزل ماشيًا متجهًا إلى المروة وسعى في بطن الوادي ، ثم مشى حتى وصل إلى المروة فصعد عليها ،


وقال ما قاله على الصفا .فعل ذلك سبع مرات يبدأ بالصفا ويختم بالمروة .والصفا : هو الطرف المرتفع من جبل أبي قبيس .والمروة : هي الطرف المرتفع من جبل قيعقعان .

و


قد توارث المسلمون هذا المكان الذي سعى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يسعون فيه .


وأقاموا على جنبيه المباني من بيوت ودكاكين


حتى أزيلت تلك المباني في توسعة المسجد الحرام في عهد الملك سعود - رحمه الله - ،
وأقيم جداران على حدود المسعى شرقًا وغربًا فيهما أبواب وفتحات وشبابيك ،
وأقيم فوق المسعى دور ثان لأجل التوسعة على الساعين ،
وكان ذلك بإشراف لجنة علمية من خيرة العلماء والمؤرخين وأهل الخبرة
برئاسة سماحة الشيخ : محمد بن إبراهيم - رحمة الله على الجميع - ، واستقر الأمر على هذا من غير
منازع .


وفي عهد خادم الحرمين : الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - ، فكر في الزيادة في مساحة المسعى للتوسعة على الحجاج والمعتمرين ، فاستشار ( هيئة كبار العلماء ) ،
فصدر القرار بإكمال ما رآه العلماء في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - من زيادة الأدوار فوق المسعى ،
ولكن ظهر من يرى أن الزيادة تكون في مساحة المسعى من جهة الشرق لا في أدواره
وهم فريقان :فريق يقول :
إن طرف الصفا والمروة لم يستكملا ؛ فلهما بقية تحت الأرض ؛


فيجب أن تلحق هذه البقية بهما ويوسع المسعى تبعا لهذه البقية .


و

الجواب عن ذلك

أن نقول

:
لماذا ترك المسلمون في مختلف العصور هذه البقية وبنو البيوت والدكاكين في هذا المكان ؟


هل يليق بالمسلمين أن يستحلوا المشعر ويختزلوه من المسعى لمصالحهم الخاصة ؟


وأيضًا الصفا والمروة مرتفعان يصعد عليهما بدرج


كما ذكر المؤرخون ،
وكما صعد عليهما النبي - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه والزيادة المزعومة منخفضة لم يعثر عليها إلا بالحفر والتكلف .

!!!!!!!!!!!

وأيضًا من يجزم بأن هذه الزيادة من الصفا والمروة
ولم لا تكون من الجبلين الممتدين ،
والسعي ليس بين الجبلين وإنما هو بين الصفا والمروة .والفريق الثاني :
ممن يرون الزيادة في مساحة المسعى
يقولون :
إن الضرورة تدعو إلى هذه الزيادة لشدة الزحام وخشية الخطر ،
والجواب عن ذلك بأمرين :الأمر الأول : أن العبادات توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها ،

فلا يزاد في مكان العبادة الذي حدده الله لها ، ومكان السعي بين الصفا والمروة كما أن مكان الطواف هو بالبيت العتيق .


الأمر الثاني :
أن الزحام يزال بزيادة الأدوار

كما أفتى بذلك كبار العلماء ،

لأن الهواء يحكي القرار .


هذا ما أردت بيانه نصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم :


إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .

كتبه : د. صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء ، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء

9 ربيع الآخر 1429 هـ

[[]] [[]] ### [[]] [[]]

No comments: